الناس أصناف

بقلم/ محمد شعبان 

الدنيا مسرح كبير وإذا تمعنت فى الوجوه ستجد أدوارا تؤدى بإتقان وصنوفا نسيت معنى إنسان، نهم من يعاونك على النجاح ويشد من أزرك فهو بمثابة الأخ الوفى الذى أنجبته الأيام، ومنهم من يحبطك ويوقفك عن طريقك وهدفك ويثبط همتك قدر الإمكان، ومنهم من هو سلبي ليس لك ولن يكون عليك يوما وإنما هو مع الريح أينما ذهبت رياحهم ذهبوا. 

وأسوأ الأشخاص على الإطلاق من يظهرك فى صورة الشيطان ويبذل قصار جهده فى سبيل ذلك ، فهو يشعر بالنقص ويحاول تكميل نفسه من خلال تشويهك فهو إذا نظر إليك شعر بدنو نفسه وحقارة شأنه ، حتى لو كان أعلى منك منصبا وأكثر منك مالا فالأمر ليس له علاقة بمال أو منصب وإنما الأمر ببساطة أنه لا يحب أن يرى من هو أفضل منه ويشعره بنقصه ، ويحاول كسب مكانة ومنزلة على حساب الآخرين وليس لأنه يستحق تلك المنزلة ، وإنما لأنه يستطيع تحقير شأنه وتملق من هو أعلى منه وإظهار نفسه فى صورة المظلوم المهضوم حقه وسيجد من ينصره كثيرون.. 

تجده قد بلغ من العمر أرذله ولكنه لم يشعر بكونه عظيما ولو لمرة واحدة ، ولم يحصل على التقدير من حوله فإذا وجدك تملك ما يفقده شعر وكأنه أمام الجميع عريانا ولو ارتدي أفخم الثياب فالشعور بداخله والنقص متغلغل فى أعماق نفسه والحقارة مرسومة على وجهه ، وإذا قرأت ما فى عينيه عن نفسه ستجد كلمات مبعثرة مثل : عديم الكرامة ، قليل الشأن ، مهانا ، كاذبا ، وغيرها من الصفات التي ينأى الكريم أن يتصف بها ، وإذا قرأت ما فى عينيه تجاهك أو تجاه أى شخص يرى نفسه حقيرا أمامه ستجد كلمات مثل : حاقد ، وحاسد ، وناقم ، ويريد التقليل منه حتى يصل هو لمكانة أعلى وكما ذكرت ليس لأنه يستحقها وإنما لأنه لن يصل لمكانة إلا بالتقليل من غيره. 

وياللحسرة لو اكتسب منصبا وكان رئيسا لك فى عمل فستجد الغل والحقد يظهر فى تعاملاته كلها وستجد منه تصيد الأخطاء ، وإظهار المساوئ حتى لو لم توجد فيك ، فهو يحفظ جملة واحدة " إذا ظهرت أنت فى صورة السىء كان هو فى صورة الجيد "

وستجد النفاق مرسوما فى عينيه وسيسخِّر خبراته الحياتية فى سبيل الإيقاع بك فى فخ المشاكل المتكررة ، والأخطاء المستدامة ، والبقاء ليس للأصلح وإنما للمنافق ذو الجلد الثخين ( للأتنح ) 

وما تشرَّبه من ذل ومهانة طوال سنوات سيحاول إذاقتك منه حتى يشعر بقيمته وأن جميع الناس مهانون مثله قليلو الشأن ، يرضون بالذل مثله ، ولكن عندما يجدك لا ترضى ولم ترضخ له عندها سيتجه للظلم والتبلى عليك بقليل أو كثير مستخدما حكمة ( العيار الذى لا يصيب يدوش ) 

وبعدها يحاول التبرير لنفسه بكل المصطلحات التى تجعله أمام الناس مظلوما وليس ظالما ، ولن يصدِّقه سوى من هو مثله لتُعاد الكرة من جديد ، وعندما يعتزل ذلك الظالم المتعجرف من ملاعب العمل سوف يكمل التقليل من شأن من هو أعلى منه فى حياته العادية بعيدا عن أرض العمل 

ثم يأتي من بعده من هو مثله واستمع له ولكلامه ومبرراته وسيسير على نفس المنوال ويظل الأصلح خارج نطاق الخدمة لأنه لا يجيد التملق والنفاق ، بينما غيره يلهث خلف المكانة الزائفة، ولكن اعلم دائما أن الله يمهل الظالم ولكن لن يهمله